الاحلام والتنبؤ بالمستقبل
صفحة 1 من اصل 1
الاحلام والتنبؤ بالمستقبل
الاحلام والتنبؤ بالمستقبل
رائد قاسم
منذ القدم والانسان يحلم ، وحتى يومنا هذا ظل الحلم لغز من الالغاز واحد غرائب الحياة التي لم تكتشف بعد ، وقد ورد فيه الكثير من الاراء الدينية والعلمية والميثلوجية، ونسجت حوله آلاف الاخبار والشواهد عند مختلف الشعوب وعلى مر الازمان ، وورد ذكره في مئات الاسفار ، منها القران الكريم ، وفي التراث العربي عرف ابن سيرين باعتباره اشهر مفسري الاحلام ، وتفسيره في الاحلام يتداوله الناس منذ مئات السنوات وطبعت منه ملايين النسخ.
وعند النظر في تفسير ابن سيرين والكثير من تفاسير الاحلام المشابهة له نجد انها مبوبة وفقا للحروف الهجائية ومواضيع الاحلام التي يحلم بها اغلب الناس ، كالحلم بالطلاق ، وسقوط الاسنان ، والموت ، وغيرها مما يراود معظم الناس بمختلف طبقاتهم وشرائحهم، وهذا ان دل على شي فانما يدل على ان البشر على الارض يعيشون منظومة واحدة ومصير مشترك ، رغم الاختلافات والتباينات بينهم.
باعتقادي أن للاحلام علاقات عميقة بالعوالم المحيطة بالعالم الفيزيائي الذي يعيش فيه الانسان والذي يسمى مجازا بعالم الدنيا او العالم الطبيعي ، فالانسان يرى بحواسه الخمس نطاق محدود من الوجود الذي يعيش فيه، ولكن عندما يتحرر منه بالنوم فانه يتمكن من رؤية بعض ما حجبه عنه جسده الكثيف، وقد ورد في هذا الامر آلاف الاخبار التي دونتها مئات الكتب لمختلف الملل والنحل، وجميعها تتفق على ان نوم الجسد ينقل وعي الانسان الى جسد شفاف ، يمكنه من الانتقال الى عالم قريب من عالم الدنيا، وفي هذا العالم يمكن ان يعرف بعض احداث مستقبل حياته الدنيوية، او مستقبل الامة التي ينتمي اليها، وهو ما يسمى مجازا بعالم الرؤيا ، وهو احد العوالم الكثيرة التي تحيط بالانسان، وهو الذي تلتقي فيه ايضا انفس النائمين بانفس الراحلين من عالم الدنيا { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ –الزمر 42-}
ويمكن للجن الدخول فيه ايضا بسهولة، ولقاء انفس النائمين وايصال الرسائل لها والتاثير عليها.
القران الكريم يحفل بقصص الاحلام التي تنبأت بالمستقبل ، من ذلك رؤية النبي يوسف (ع) في منامه ، قال تعالى { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ- يوسف 4-} وقد امر والده النبي يعقوب (ع) بأن لا يخبر اخوته برؤياه حتى لا يزدادوا حقدا عليه.
ولا يقتصر امر الاخبار عن المستقبل في المنام على الاولياء والعباد الصالحين ، بل انه لكل الناس
، فعندما كان النبي يوسف في سجنه رأى اثنين من السجناء رؤيتين { وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ – يوسف 36-} وقد فسر يوسف حلمهما { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ- يوسف41} وقد صدقت الرؤيتين وصدق تفسيرهما.
وحلم ملك مصر برؤيا علقت في ذهنه واقلته { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَقَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ- يوسف44-} فلم يقتنع الملك بجوابهم واصر على ان حلمه رؤيا لحقيقة ستحدث عما قريب ، وطلب تفسير حلمه ، ففسره له يوسف الصديق { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ – يوسف49}.
وقد صدقت الرؤيا وصدق التفسير ، وتمكن المصريون من مواجهة ازمة اقتصادية كبرى بناء على حلم! وفي هذه القصة القرانية دلالة كبرى ، اذ تدل على العلاقة المؤكدة والروابط الوثيقة بين عالم الدنيا والعوالم المحيطة به وفي مقدمتها عالم الاحلام.
ان الاخبار في هذا المضمار كثيرة جدا ، يقول الدكتور مصطفى محمود انه التقى في اواخر عام 1970 بأحد اصدقائه وكان شيوعيا ، وقال له بأنه حلم بأن الرئيس جمال عبدالناصر سوف يموت بعد اسبوعين، وذكر له اليوم الذي سيموت فيه، وقد صدق في حلمه ، بالرغم من كونه شيوعيا لا يؤمن بأي دين او قيم روحية.
ولكن كيف يمكن للإنسان رؤية المستقبل اثناء نومه؟
اجزم ( ولا املك دليلا علميا تجريبيا على ذلك) بأن هذا الكون محكوم بقوة عظيمة فوق ادراك العقل البشري ، متمثلة في الخالق سبحانه وتعالى. والله عز وجل يدير الكون من خلال الملائكة الكرام ، وربما مخلوقات اخرى ، فهم الذين يعلمون بالاوامر الالهية التي يصدرها الرب وهم الذي ينفذونها ، ومنها ما يمس حياة البشر على الارض ، سواء على مستوى الاشخاص او على مستوى الامم والشعوب ، فتعرف بها المخلوقات التي تعيش بالقرب منهم ، وينتشر خبرها في العوالم ، ومنها سكان عالم البرزخ، ويعرف به بعض سكان الدنيا ايضا ، من خلال الأحلام او تحضير الارواح ، وغيرها من الطرق.
والاية الكريمة الواردة في سورة الجن { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا - الجن 9-} دليل على كون الاحدث الدنيوية تقدر في عالم الملكوت لتنزل بواسطة الملائكة الى الارض وتقع بعد ذلك ، وهذا لا يتعارص مع حرية الانسان وتحمله لمسئولية مصيره ، فالقدر المكتوب المحتوم يبنى ايضا على افعال الانسان ، ومستقبله يحدد ويجرى من قبل السماء بناء على افعاله {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ- الشورى30}.
اعتقد أن العوالم قريبة من بعضها ، وانه يمكن السفر اليها من خلال بوابات اثيرية ، تماما كالعمارة التي تحوي في داخلها الشقق المفصولة عن بعضها بالجدران والمرتبطة بالابواب والسلالم ، والشقق ايضا تحوي غرف يفصل بينها الجدران وترتبط ببعضها البعض بالأبواب ، حيث لا يمكن الدخول من شقة لاخرى او من غرفة لاخرى الا من خلالها ، ولا يمكن للبشر الساكنين فيها من التواصل المباشر مع بعضهم الا من خلال المرور عبرها.
من ناحية اخرى فإن الانسان غير قادر على الانتقال بين العوالم بسبب محدودية حواسه وكثافة جسده الذي يجعله محصورا في نطاق محدد من الوجود ، ولكن عندما يموت هذا الجسد فأنه يتحرر من محدوديته ويتمكن من رؤية معظم العوالم التي من الممكن ان يراها بجسده الاثيري الاقل كثافة من الطبيعي { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ- ق22-} وفي النوم فانه يتحرر نسبيا من جسده الطبيعي ويتمكن من لقاء سكان عالم البرزخ ( وعالم الجن ايضا) ، وهذا اللقاء في احد مناطق عالم البرزخ التي من الممكن ان تصلها ارواح اهل العالمين ( الدنيا والبرزخ).
ومن خلال تحضير الارواح والجن يمكن ايضا الالتقاء بسكان تلك العوالم ، والانسان لم يزل بعد بجسده الطبيعي ، من خلال تقارب اهتزازات جسده وحواسه الخمس مع مستوى اهتزازات اجسادهم الاثيرية فيتمكن من مشاهدتهم والتحدث معهم ، فالشخص من الجن او البرزخ يمكن للإنسان رؤيته اذا ما خفض مستوى سرعة اهتزازاته جسده لتكون في نطاق رصد حواس الانسان.
وقد تمكن الانسان في هذا العصر من رؤية الكائنات الميكروبية التي لا يمكن له رؤيتها بالعين المجردة ، وذلك بواسطة اجهزة الرؤية المجهرية، وتمكن كذلك من اكتشاف اشعة طيف لا مرئية ، كأشعة إكس ، والأشعة تحت الحمراء ، والفوق بنفسجية ، وأشعة الراديو ، وغيرها مما لا يمكن له رؤيتها الا من خلال اجهزة الرؤية فائقة التقنية.
ان الأحلام وتحضير الارواح تعد طرق عرفها الانسان منذ القدم ، وقد يتمكن من اكتشاف طرقا اكثر تقدما ، من خلالها يتمكن من الوصول الى هذه العوالم واكتشافها وسبر اغوارها.
وأظن ان سكان عالم البرزخ يمكن لهم ان يطلعون على احوال عالم الدنيا ، من دون ان يتمكنوا من الاتصال المباشر مع اهلها ، تماما كما نشاهد الاحداث المختلفة عبر شاشات الفضائيات ، من دون ان نتمكن من الاتصال بالأشخاص الذين نراهم ، ومن دون ان يعلموا بأننا نشاهدهم.
من ناحية اخرى فقد اثبتت التجارب العلمية الدامغة ان الحياة الطبيعية ( الدنيا) اكثر كثافة واقل سرعة ، وان ثمة عوالم اخرى اقل كثافة وأكثر سرعة ، وهو ما قرره اينشتاين في النظرية النسبية ، الامر الذي يجعل الزمن نسبيا بين العوالم ، وهو ما ورد في النصوص الدينية كقوله تعالى : { إنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ –الحج47} وقوله تعالى : { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ- المعارج4- } وقد اشارت بعض كتب التراث الى نسبية الزمن من خلال سردها لبعض الاخبار ، من ذلك قصة اذكرها باختصار شديد ، قرأتها منذ عدة سنوات ، حيث حضر شخص متوفى للمسيح ( ع) وقال له بأنه عندما توفي سار في طريق ملي بالأشجار الباسقة والأعشاب الخضراء ، حتى وصل الى قصر فسيح ، فشاهد فتاة تلوح له وتطلب منه الدخول ، ولما دخل اخبرته بأن القصر له ، فوقفا يتحدثان ، وأثناء ذلك سقط منها عقد من اللؤلؤ ، فجلس القرفصاء معها يلمل اجزاءه ، وأثناء ذلك جاءه احد ملائكة البرزخ وأمره بأن يجب روح الله . يقول الراوي بأن هذا الميت متوفى منذ ثلاثمائة عام مضت!!
ان العوالم الاخرى كالبرزخ والجن لا شك في كونها اقل كثافة وأكثر السرعة من عالم الدنيا، إلا ان سكان تلك العوالم يعيشون حياة منسجمة مع طبيعة اجسادهم اللطيفة ، لذلك تظهر لهم طبيعة الحياة بأنها صلبة ومادية ، وان كل شي حولهم حقيقي ، ولعل الاحلام التي نراها شاهدا على ذلك ، سواء كانت رؤيا ، اي اتصال بالعوالم الاخرى، او اضغاث احلام ( الاهتزازات الكهربائية والتفاعلات الكيميائية في الدماغ ) ، فنحن نعيشها في اجواء صلبة ومادية ، بالرغم من كون عالم الحلم دو كثافة ضئيلة جدا قياسا بالعالم الطبيعي.
وكذلك العالم الميكروبي حيث الاحياء الميكروبية تعيش في نطاق يتناسب مع كثافة اجسادها ، فعندما تقاتل كريات الدم البيضاء الفيروسات والجراثيم فإن معركة حقيقة تحدث ، وعندما تتمكن كريات الدم البيضاء من الفيروسات وتقتلها فأن كل من الخلايا البيضاء والفيروسات الميتة يتخلص منها الجسم بواسطة الخلايا البالعة التي تقوم بابتلاعها.
ان الحلم الحقيقي ( اي الرؤيا) لا يمكن ان يتحقق سوى بمغادرة الجسد والذهاب الى العوالم الاخرى عبر بواباتها الاثيرية ، وان الاسقاط النجمي او الحلم الواعي ، اي قدرة الانسان على مغادرة جسده بإرادته ووعيه التام يعد تطورا عظيما في العلوم الروحية ، وتمكننا من تجاوز القوانين الطبيعية التي تحكم العلاقة بين سكان العالمين ، فالحلم واتصال الانسان عبره بالعوالم الاخرى يعد هبة الهية وطبيعة بشرية ، الا انه بالإسقاط النجمي واستكشاف القوى الروحية وتنميتها ، وتحضير الارواح عبر الوسطاء الروحيين ، يعد كل ذلك علما مكتسبا وصل اليه الانسان وأحاط به بعد توفيق الله بما يتمتع به من مواهب جمة ، مكنته من تجاوز القوانين التي تقيد حركته وتحصره في نطاق محدود وضيق.
وقد مررت كغيري بعدد من التجارب في مضمار الاحلام وتنبؤاتها بالمستقبل او سفري الى مناطق دنيوية من خلال جسدي الاثيري ، اذكر بعضها.
في عمر الخامسة حلمت بنمر يطاردني ، اتذكر هذا الحلم منذ اكثر من اربعين عاما ولم انسه حتى الان، كانت تفصلني عنه مسافة ، وكنت بطيئا في ركضي ، ولم يتمكن النمر من افتراسي ، وفي سن الثامنة سافرت الى مصر ، وفي حديقة حيوانات الجيزة الشهيرة ، اقتربت من قفص احد الفهود ، ووقفت بقرب فتحة صغير مخصصة لإطعامه. كنت انظر والدي وإخوتي عندما التفت الى وجه الفهد على وقع زئيره المرعب ، وما ان وجهت وجهي له حتى باغتني بمخالبه التي غرزها في رجلي اليمنى محاولا ادخالي الى القفص لافتراسي ، هرع والدي نحوي وجراني ، فكنت متوسطا بين الطرفين ، الفهد الذي يجذبني بمخالبه يبتغي افتراسي ، ووالدي اللذين يمسكان بي بكامل قوتهما يرومان انقاذي منه ، وقد نجوت منه بالطبع ، ولكن بعد ان تدفق الشحم واللحم والدم من رجلي بغزارة ، ولا تزال آثار مخالبه باقية فيها حتى يومنا هذا.
وقبل سنوات حلمت بأني أركب سيارة في جسر بني على طريق رئيسي ، علق الحلم في ذهني أيضا ، وبعد سنوات شيد جسر في نفس الطريق الذي حلمت به.
ورأيت بأني كنت أسير في شارع بحي سكني في منطقة كانت خالية من العمران ، وبعد اكثر من خمسة عشر عاما شيد في هذا المكان حي سكني ، وكان الشارع الذي اعرف مكانه من الحي في اليقظة قريب جدا من الذي شاهدته في الحلم.
وذات مرة حلمت بأني في وسط خيام بوسط الصحراء ، فرأيت شخص وسألته عن هذا المكان. فقال لي بأنك في الحناكية. عندما استيقظت دونت الاسم حتى لا انساه ، وبحث عنه فاكتشفت بأنه يعود لمدينة في نجد ، لم اكن اعرفها من قبل او حتى سمعت بها ، لأنها مدينة صغيرة وغير مهمة.
ولعل ابرز ما حلمت به هو زيارتي لإحدى المدن ( لم اعد اتذكر اسمها الان) . شاهدت نفسي في شارع تطل عليه قلعة اثرية ، او مسجد، ومن جهتها اليسرى توجد متاجر متنوعة في شارع فرعي ، رايت رجلا فسألته اين انا ؟ فأجابني بأنني في مدينة... .
فور استيقاظي كتبت اسم المدينة ثم بحث عنها في الاطلس ( لم يكن في ذبك الوقت انترنت) فوجدت مدينة مصرية تحمل نفس الاسم ، والذي اتذكره جيدا بأنها مدينة صغيرة وغير مهمة ولم اكن اعرفها على نحو الاطلاق.
في عام 2000 ميلادية توفي احد رجال الدين المشهورين في ايران ، بعد ليلتين من وفاته شاهدته وهو يطير في الفضاء وكأنه تائها لا يعرف اين يذهب ، ثم شاهدت نفسي في مبنى قديم مليء بالقبور، ورأيت رجلين يحفران قبرا . فسألتهما لمن هذا القبر؟ فأجابني احدهما بأنه لفلان ولكنه لا يريد ان يدفن فيه.
بعد عدة ايام سمعت ان مواجهات وقعت بين متظاهرين من انصاره وبين الشرطة الايرانية ، حيث كانت السلطات تصر على دفنه في مقبرة ما ، وكان انصاره يريدون دفنه في مكان اخر بناء على وصيته.
اتذكر عندما كنت في المرحلة المتوسطة حلمت بأني تعاركت مع ثلاث من زملائي ، وفي اليوم التالي جاءني اخي الاصغر وابلغني بأن ثلاثة من زملائي كانوا يتحدثون عني بسوء امام جمعا من الطلاب في المدرسة ، واخبرني بأسمائهم فكانوا الذين حلمت بهم.
ذات ليلة شاهدت احد الاصدقاء وهو في حالة يرثى لها ، فقد كان في جسمه رضوض عدة ، وكانت يده اليمنى مكسورة . بعد عدة ايام التقيت به وسألته عن احواله فأجابني بأنه فصل من عمله!
اتذكر الكثير من الاحلام ذات المعنى والقيمة التي شاهدتها في منامي وكنت دائما ما استيقظ من نومي لأجد الوقت فجرا ، واعتقد بأني ذهبت مثل غيري لعالم الرؤيا ، تلك المنطقة الاثيرية التي يمكن فيها مشاهدة مستقبل الحياة الدنيا وهو ينشأ، فما يحدث في الدنيا من احداث له انعكاسات في هذه المنطقة ، نشاهدها على شكل رموز او ما شابه ، سواء على صعيد الاشخاص او الاماكن او الامم ، علاوة على ان سكان العالم البرزخي يمكن لهم ان يعرفوا حوادث المستقبل ، ويمكن لهم ان يخبروا اهل الدنيا بها عن طريق تحضير الارواح او الاسقاط النجمي او الرؤيا ، اتذكر اني قرأت قبل عدة سنوات تغريدة على تويتر لشاب يقول فيها انه استيقظ من نومه على وقع احساس شديد الوطأة بأنه سوف يواجه حدث مهما جدا في حياته ، في المساء نعي الشاب على تويتر بعد ان توفي على اثر حادث مروري.
اتذكر باني حلمت بان جسر سيربط بين ضفتي الخليج العربي ، بعد عدة ايام عرض خبر مفاده ان سلطنة عمان نفت الانباء الواردة عن مباحثات بينها وبين ايران لإنشاء جسر يربط الدولتين.
اتذكر باني سافرت لبلد ما وعهدت سيارتي لأخي الاصغر ، وحلمت بعد عدة ايام بأنها سرقت، اتصلت به فورا فاخبرني ان السيارة بخير ، ولكن عندما عدت اخبرني أن سيارتي سرقت! ولعدة ايام! حتى وجدتها الشرطة ملقاة على قارعة احد الطرق!!
و ثمة حادثة اخرى مشابهة ، فقد حلمت بأن سيارتي قد سرقت ، وفي الصباح وعندما كنت ذاهبا للعمل وجدت الباب الرئيسي مفتوحا!!.
الكثير من هذه الرؤى تقع لنا جميعا دون شك وبتعزيز قوانا الروحية يمكن ان نطورها ونتجاوز ضعف الحواس الخمس وكثافة جسدنا الذي يحجب عنها القدرة على الاتصال بالعوالم الاخرى ، فالاتصال بالجان وأرواح الموتى ممكن اذا ما تمكنا من تحقيق ذلك ، فهم يعيشون في عوالم قريبة منا.
ان آخر ما حلمت به كان قبل عدة اشهر فقط ، فقد رأيت اظفر اصبع رجلي اليمنى الكبير ينتزع مني ، ثم تمكنت من الامساك به وإعادته الى مكانه.
وعندما سافرت الى مصر في الصيف الفائت تعطل هاتفي المتحرك ، فذهبت الى متجر هواتف وأصلحته ، ولكن عندما عدت للفندق اكتشفت بأن الذاكرة الخارجية غير موجودة.
عدت للمتجر الذي انكر صاحبه بأنه اخذها ، فاضطررت ان ارفع عليه دعوى في الشرطة ، وبعد اخذ ورد بيني وبينه اعترف بطريقة غير مباشرة بسرقتها وأعادها!!
انني متيقن بأننا نحن سكان العالم الارضي نعيش في مستوى معين من اهتزازات هذا الوجود ، وان الاحلام ليس سوى منطقة اثيرية ذات اهتزازات اكثر سرعة ، تقع ما بين عالمي الدنيا والبرزخ، نستطيع الذهاب اليها من خلال الاسقاط النجمي او النوم ، كما يستطيع اهل البرزخ والجن كذلك من الذهاب اليها ، وفيها يمكن رؤية احبائنا الذي انتقلوا الى عالم البرزخ ، بل ويمكن ان يأخذونا الى اماكن عديدة في عالم البرزخ ايضا، فالعوالم قريبة من بعضها ولا ينقصنا سوى معرفة اسرار الاهتزازات والترددات والموجات التي تعد أهم اعمدة البناء الكوني ، فالحق سبحانه وتعالى رب العالمين ، والعالمين مفردها عالم ، والعوالم اشبه بأمواج البحر تتلاطم مع بعضها البعض لتشكل في النهاية بحر هذا الوجود اللامتناهي الذي خلقه القدير سبحانه وتعالى.
رائد قاسم
منذ القدم والانسان يحلم ، وحتى يومنا هذا ظل الحلم لغز من الالغاز واحد غرائب الحياة التي لم تكتشف بعد ، وقد ورد فيه الكثير من الاراء الدينية والعلمية والميثلوجية، ونسجت حوله آلاف الاخبار والشواهد عند مختلف الشعوب وعلى مر الازمان ، وورد ذكره في مئات الاسفار ، منها القران الكريم ، وفي التراث العربي عرف ابن سيرين باعتباره اشهر مفسري الاحلام ، وتفسيره في الاحلام يتداوله الناس منذ مئات السنوات وطبعت منه ملايين النسخ.
وعند النظر في تفسير ابن سيرين والكثير من تفاسير الاحلام المشابهة له نجد انها مبوبة وفقا للحروف الهجائية ومواضيع الاحلام التي يحلم بها اغلب الناس ، كالحلم بالطلاق ، وسقوط الاسنان ، والموت ، وغيرها مما يراود معظم الناس بمختلف طبقاتهم وشرائحهم، وهذا ان دل على شي فانما يدل على ان البشر على الارض يعيشون منظومة واحدة ومصير مشترك ، رغم الاختلافات والتباينات بينهم.
باعتقادي أن للاحلام علاقات عميقة بالعوالم المحيطة بالعالم الفيزيائي الذي يعيش فيه الانسان والذي يسمى مجازا بعالم الدنيا او العالم الطبيعي ، فالانسان يرى بحواسه الخمس نطاق محدود من الوجود الذي يعيش فيه، ولكن عندما يتحرر منه بالنوم فانه يتمكن من رؤية بعض ما حجبه عنه جسده الكثيف، وقد ورد في هذا الامر آلاف الاخبار التي دونتها مئات الكتب لمختلف الملل والنحل، وجميعها تتفق على ان نوم الجسد ينقل وعي الانسان الى جسد شفاف ، يمكنه من الانتقال الى عالم قريب من عالم الدنيا، وفي هذا العالم يمكن ان يعرف بعض احداث مستقبل حياته الدنيوية، او مستقبل الامة التي ينتمي اليها، وهو ما يسمى مجازا بعالم الرؤيا ، وهو احد العوالم الكثيرة التي تحيط بالانسان، وهو الذي تلتقي فيه ايضا انفس النائمين بانفس الراحلين من عالم الدنيا { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ –الزمر 42-}
ويمكن للجن الدخول فيه ايضا بسهولة، ولقاء انفس النائمين وايصال الرسائل لها والتاثير عليها.
القران الكريم يحفل بقصص الاحلام التي تنبأت بالمستقبل ، من ذلك رؤية النبي يوسف (ع) في منامه ، قال تعالى { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ- يوسف 4-} وقد امر والده النبي يعقوب (ع) بأن لا يخبر اخوته برؤياه حتى لا يزدادوا حقدا عليه.
ولا يقتصر امر الاخبار عن المستقبل في المنام على الاولياء والعباد الصالحين ، بل انه لكل الناس
، فعندما كان النبي يوسف في سجنه رأى اثنين من السجناء رؤيتين { وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ – يوسف 36-} وقد فسر يوسف حلمهما { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ- يوسف41} وقد صدقت الرؤيتين وصدق تفسيرهما.
وحلم ملك مصر برؤيا علقت في ذهنه واقلته { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَقَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ- يوسف44-} فلم يقتنع الملك بجوابهم واصر على ان حلمه رؤيا لحقيقة ستحدث عما قريب ، وطلب تفسير حلمه ، ففسره له يوسف الصديق { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ – يوسف49}.
وقد صدقت الرؤيا وصدق التفسير ، وتمكن المصريون من مواجهة ازمة اقتصادية كبرى بناء على حلم! وفي هذه القصة القرانية دلالة كبرى ، اذ تدل على العلاقة المؤكدة والروابط الوثيقة بين عالم الدنيا والعوالم المحيطة به وفي مقدمتها عالم الاحلام.
ان الاخبار في هذا المضمار كثيرة جدا ، يقول الدكتور مصطفى محمود انه التقى في اواخر عام 1970 بأحد اصدقائه وكان شيوعيا ، وقال له بأنه حلم بأن الرئيس جمال عبدالناصر سوف يموت بعد اسبوعين، وذكر له اليوم الذي سيموت فيه، وقد صدق في حلمه ، بالرغم من كونه شيوعيا لا يؤمن بأي دين او قيم روحية.
ولكن كيف يمكن للإنسان رؤية المستقبل اثناء نومه؟
اجزم ( ولا املك دليلا علميا تجريبيا على ذلك) بأن هذا الكون محكوم بقوة عظيمة فوق ادراك العقل البشري ، متمثلة في الخالق سبحانه وتعالى. والله عز وجل يدير الكون من خلال الملائكة الكرام ، وربما مخلوقات اخرى ، فهم الذين يعلمون بالاوامر الالهية التي يصدرها الرب وهم الذي ينفذونها ، ومنها ما يمس حياة البشر على الارض ، سواء على مستوى الاشخاص او على مستوى الامم والشعوب ، فتعرف بها المخلوقات التي تعيش بالقرب منهم ، وينتشر خبرها في العوالم ، ومنها سكان عالم البرزخ، ويعرف به بعض سكان الدنيا ايضا ، من خلال الأحلام او تحضير الارواح ، وغيرها من الطرق.
والاية الكريمة الواردة في سورة الجن { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا - الجن 9-} دليل على كون الاحدث الدنيوية تقدر في عالم الملكوت لتنزل بواسطة الملائكة الى الارض وتقع بعد ذلك ، وهذا لا يتعارص مع حرية الانسان وتحمله لمسئولية مصيره ، فالقدر المكتوب المحتوم يبنى ايضا على افعال الانسان ، ومستقبله يحدد ويجرى من قبل السماء بناء على افعاله {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ- الشورى30}.
اعتقد أن العوالم قريبة من بعضها ، وانه يمكن السفر اليها من خلال بوابات اثيرية ، تماما كالعمارة التي تحوي في داخلها الشقق المفصولة عن بعضها بالجدران والمرتبطة بالابواب والسلالم ، والشقق ايضا تحوي غرف يفصل بينها الجدران وترتبط ببعضها البعض بالأبواب ، حيث لا يمكن الدخول من شقة لاخرى او من غرفة لاخرى الا من خلالها ، ولا يمكن للبشر الساكنين فيها من التواصل المباشر مع بعضهم الا من خلال المرور عبرها.
من ناحية اخرى فإن الانسان غير قادر على الانتقال بين العوالم بسبب محدودية حواسه وكثافة جسده الذي يجعله محصورا في نطاق محدد من الوجود ، ولكن عندما يموت هذا الجسد فأنه يتحرر من محدوديته ويتمكن من رؤية معظم العوالم التي من الممكن ان يراها بجسده الاثيري الاقل كثافة من الطبيعي { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ- ق22-} وفي النوم فانه يتحرر نسبيا من جسده الطبيعي ويتمكن من لقاء سكان عالم البرزخ ( وعالم الجن ايضا) ، وهذا اللقاء في احد مناطق عالم البرزخ التي من الممكن ان تصلها ارواح اهل العالمين ( الدنيا والبرزخ).
ومن خلال تحضير الارواح والجن يمكن ايضا الالتقاء بسكان تلك العوالم ، والانسان لم يزل بعد بجسده الطبيعي ، من خلال تقارب اهتزازات جسده وحواسه الخمس مع مستوى اهتزازات اجسادهم الاثيرية فيتمكن من مشاهدتهم والتحدث معهم ، فالشخص من الجن او البرزخ يمكن للإنسان رؤيته اذا ما خفض مستوى سرعة اهتزازاته جسده لتكون في نطاق رصد حواس الانسان.
وقد تمكن الانسان في هذا العصر من رؤية الكائنات الميكروبية التي لا يمكن له رؤيتها بالعين المجردة ، وذلك بواسطة اجهزة الرؤية المجهرية، وتمكن كذلك من اكتشاف اشعة طيف لا مرئية ، كأشعة إكس ، والأشعة تحت الحمراء ، والفوق بنفسجية ، وأشعة الراديو ، وغيرها مما لا يمكن له رؤيتها الا من خلال اجهزة الرؤية فائقة التقنية.
ان الأحلام وتحضير الارواح تعد طرق عرفها الانسان منذ القدم ، وقد يتمكن من اكتشاف طرقا اكثر تقدما ، من خلالها يتمكن من الوصول الى هذه العوالم واكتشافها وسبر اغوارها.
وأظن ان سكان عالم البرزخ يمكن لهم ان يطلعون على احوال عالم الدنيا ، من دون ان يتمكنوا من الاتصال المباشر مع اهلها ، تماما كما نشاهد الاحداث المختلفة عبر شاشات الفضائيات ، من دون ان نتمكن من الاتصال بالأشخاص الذين نراهم ، ومن دون ان يعلموا بأننا نشاهدهم.
من ناحية اخرى فقد اثبتت التجارب العلمية الدامغة ان الحياة الطبيعية ( الدنيا) اكثر كثافة واقل سرعة ، وان ثمة عوالم اخرى اقل كثافة وأكثر سرعة ، وهو ما قرره اينشتاين في النظرية النسبية ، الامر الذي يجعل الزمن نسبيا بين العوالم ، وهو ما ورد في النصوص الدينية كقوله تعالى : { إنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ –الحج47} وقوله تعالى : { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ- المعارج4- } وقد اشارت بعض كتب التراث الى نسبية الزمن من خلال سردها لبعض الاخبار ، من ذلك قصة اذكرها باختصار شديد ، قرأتها منذ عدة سنوات ، حيث حضر شخص متوفى للمسيح ( ع) وقال له بأنه عندما توفي سار في طريق ملي بالأشجار الباسقة والأعشاب الخضراء ، حتى وصل الى قصر فسيح ، فشاهد فتاة تلوح له وتطلب منه الدخول ، ولما دخل اخبرته بأن القصر له ، فوقفا يتحدثان ، وأثناء ذلك سقط منها عقد من اللؤلؤ ، فجلس القرفصاء معها يلمل اجزاءه ، وأثناء ذلك جاءه احد ملائكة البرزخ وأمره بأن يجب روح الله . يقول الراوي بأن هذا الميت متوفى منذ ثلاثمائة عام مضت!!
ان العوالم الاخرى كالبرزخ والجن لا شك في كونها اقل كثافة وأكثر السرعة من عالم الدنيا، إلا ان سكان تلك العوالم يعيشون حياة منسجمة مع طبيعة اجسادهم اللطيفة ، لذلك تظهر لهم طبيعة الحياة بأنها صلبة ومادية ، وان كل شي حولهم حقيقي ، ولعل الاحلام التي نراها شاهدا على ذلك ، سواء كانت رؤيا ، اي اتصال بالعوالم الاخرى، او اضغاث احلام ( الاهتزازات الكهربائية والتفاعلات الكيميائية في الدماغ ) ، فنحن نعيشها في اجواء صلبة ومادية ، بالرغم من كون عالم الحلم دو كثافة ضئيلة جدا قياسا بالعالم الطبيعي.
وكذلك العالم الميكروبي حيث الاحياء الميكروبية تعيش في نطاق يتناسب مع كثافة اجسادها ، فعندما تقاتل كريات الدم البيضاء الفيروسات والجراثيم فإن معركة حقيقة تحدث ، وعندما تتمكن كريات الدم البيضاء من الفيروسات وتقتلها فأن كل من الخلايا البيضاء والفيروسات الميتة يتخلص منها الجسم بواسطة الخلايا البالعة التي تقوم بابتلاعها.
ان الحلم الحقيقي ( اي الرؤيا) لا يمكن ان يتحقق سوى بمغادرة الجسد والذهاب الى العوالم الاخرى عبر بواباتها الاثيرية ، وان الاسقاط النجمي او الحلم الواعي ، اي قدرة الانسان على مغادرة جسده بإرادته ووعيه التام يعد تطورا عظيما في العلوم الروحية ، وتمكننا من تجاوز القوانين الطبيعية التي تحكم العلاقة بين سكان العالمين ، فالحلم واتصال الانسان عبره بالعوالم الاخرى يعد هبة الهية وطبيعة بشرية ، الا انه بالإسقاط النجمي واستكشاف القوى الروحية وتنميتها ، وتحضير الارواح عبر الوسطاء الروحيين ، يعد كل ذلك علما مكتسبا وصل اليه الانسان وأحاط به بعد توفيق الله بما يتمتع به من مواهب جمة ، مكنته من تجاوز القوانين التي تقيد حركته وتحصره في نطاق محدود وضيق.
وقد مررت كغيري بعدد من التجارب في مضمار الاحلام وتنبؤاتها بالمستقبل او سفري الى مناطق دنيوية من خلال جسدي الاثيري ، اذكر بعضها.
في عمر الخامسة حلمت بنمر يطاردني ، اتذكر هذا الحلم منذ اكثر من اربعين عاما ولم انسه حتى الان، كانت تفصلني عنه مسافة ، وكنت بطيئا في ركضي ، ولم يتمكن النمر من افتراسي ، وفي سن الثامنة سافرت الى مصر ، وفي حديقة حيوانات الجيزة الشهيرة ، اقتربت من قفص احد الفهود ، ووقفت بقرب فتحة صغير مخصصة لإطعامه. كنت انظر والدي وإخوتي عندما التفت الى وجه الفهد على وقع زئيره المرعب ، وما ان وجهت وجهي له حتى باغتني بمخالبه التي غرزها في رجلي اليمنى محاولا ادخالي الى القفص لافتراسي ، هرع والدي نحوي وجراني ، فكنت متوسطا بين الطرفين ، الفهد الذي يجذبني بمخالبه يبتغي افتراسي ، ووالدي اللذين يمسكان بي بكامل قوتهما يرومان انقاذي منه ، وقد نجوت منه بالطبع ، ولكن بعد ان تدفق الشحم واللحم والدم من رجلي بغزارة ، ولا تزال آثار مخالبه باقية فيها حتى يومنا هذا.
وقبل سنوات حلمت بأني أركب سيارة في جسر بني على طريق رئيسي ، علق الحلم في ذهني أيضا ، وبعد سنوات شيد جسر في نفس الطريق الذي حلمت به.
ورأيت بأني كنت أسير في شارع بحي سكني في منطقة كانت خالية من العمران ، وبعد اكثر من خمسة عشر عاما شيد في هذا المكان حي سكني ، وكان الشارع الذي اعرف مكانه من الحي في اليقظة قريب جدا من الذي شاهدته في الحلم.
وذات مرة حلمت بأني في وسط خيام بوسط الصحراء ، فرأيت شخص وسألته عن هذا المكان. فقال لي بأنك في الحناكية. عندما استيقظت دونت الاسم حتى لا انساه ، وبحث عنه فاكتشفت بأنه يعود لمدينة في نجد ، لم اكن اعرفها من قبل او حتى سمعت بها ، لأنها مدينة صغيرة وغير مهمة.
ولعل ابرز ما حلمت به هو زيارتي لإحدى المدن ( لم اعد اتذكر اسمها الان) . شاهدت نفسي في شارع تطل عليه قلعة اثرية ، او مسجد، ومن جهتها اليسرى توجد متاجر متنوعة في شارع فرعي ، رايت رجلا فسألته اين انا ؟ فأجابني بأنني في مدينة... .
فور استيقاظي كتبت اسم المدينة ثم بحث عنها في الاطلس ( لم يكن في ذبك الوقت انترنت) فوجدت مدينة مصرية تحمل نفس الاسم ، والذي اتذكره جيدا بأنها مدينة صغيرة وغير مهمة ولم اكن اعرفها على نحو الاطلاق.
في عام 2000 ميلادية توفي احد رجال الدين المشهورين في ايران ، بعد ليلتين من وفاته شاهدته وهو يطير في الفضاء وكأنه تائها لا يعرف اين يذهب ، ثم شاهدت نفسي في مبنى قديم مليء بالقبور، ورأيت رجلين يحفران قبرا . فسألتهما لمن هذا القبر؟ فأجابني احدهما بأنه لفلان ولكنه لا يريد ان يدفن فيه.
بعد عدة ايام سمعت ان مواجهات وقعت بين متظاهرين من انصاره وبين الشرطة الايرانية ، حيث كانت السلطات تصر على دفنه في مقبرة ما ، وكان انصاره يريدون دفنه في مكان اخر بناء على وصيته.
اتذكر عندما كنت في المرحلة المتوسطة حلمت بأني تعاركت مع ثلاث من زملائي ، وفي اليوم التالي جاءني اخي الاصغر وابلغني بأن ثلاثة من زملائي كانوا يتحدثون عني بسوء امام جمعا من الطلاب في المدرسة ، واخبرني بأسمائهم فكانوا الذين حلمت بهم.
ذات ليلة شاهدت احد الاصدقاء وهو في حالة يرثى لها ، فقد كان في جسمه رضوض عدة ، وكانت يده اليمنى مكسورة . بعد عدة ايام التقيت به وسألته عن احواله فأجابني بأنه فصل من عمله!
اتذكر الكثير من الاحلام ذات المعنى والقيمة التي شاهدتها في منامي وكنت دائما ما استيقظ من نومي لأجد الوقت فجرا ، واعتقد بأني ذهبت مثل غيري لعالم الرؤيا ، تلك المنطقة الاثيرية التي يمكن فيها مشاهدة مستقبل الحياة الدنيا وهو ينشأ، فما يحدث في الدنيا من احداث له انعكاسات في هذه المنطقة ، نشاهدها على شكل رموز او ما شابه ، سواء على صعيد الاشخاص او الاماكن او الامم ، علاوة على ان سكان العالم البرزخي يمكن لهم ان يعرفوا حوادث المستقبل ، ويمكن لهم ان يخبروا اهل الدنيا بها عن طريق تحضير الارواح او الاسقاط النجمي او الرؤيا ، اتذكر اني قرأت قبل عدة سنوات تغريدة على تويتر لشاب يقول فيها انه استيقظ من نومه على وقع احساس شديد الوطأة بأنه سوف يواجه حدث مهما جدا في حياته ، في المساء نعي الشاب على تويتر بعد ان توفي على اثر حادث مروري.
اتذكر باني حلمت بان جسر سيربط بين ضفتي الخليج العربي ، بعد عدة ايام عرض خبر مفاده ان سلطنة عمان نفت الانباء الواردة عن مباحثات بينها وبين ايران لإنشاء جسر يربط الدولتين.
اتذكر باني سافرت لبلد ما وعهدت سيارتي لأخي الاصغر ، وحلمت بعد عدة ايام بأنها سرقت، اتصلت به فورا فاخبرني ان السيارة بخير ، ولكن عندما عدت اخبرني أن سيارتي سرقت! ولعدة ايام! حتى وجدتها الشرطة ملقاة على قارعة احد الطرق!!
و ثمة حادثة اخرى مشابهة ، فقد حلمت بأن سيارتي قد سرقت ، وفي الصباح وعندما كنت ذاهبا للعمل وجدت الباب الرئيسي مفتوحا!!.
الكثير من هذه الرؤى تقع لنا جميعا دون شك وبتعزيز قوانا الروحية يمكن ان نطورها ونتجاوز ضعف الحواس الخمس وكثافة جسدنا الذي يحجب عنها القدرة على الاتصال بالعوالم الاخرى ، فالاتصال بالجان وأرواح الموتى ممكن اذا ما تمكنا من تحقيق ذلك ، فهم يعيشون في عوالم قريبة منا.
ان آخر ما حلمت به كان قبل عدة اشهر فقط ، فقد رأيت اظفر اصبع رجلي اليمنى الكبير ينتزع مني ، ثم تمكنت من الامساك به وإعادته الى مكانه.
وعندما سافرت الى مصر في الصيف الفائت تعطل هاتفي المتحرك ، فذهبت الى متجر هواتف وأصلحته ، ولكن عندما عدت للفندق اكتشفت بأن الذاكرة الخارجية غير موجودة.
عدت للمتجر الذي انكر صاحبه بأنه اخذها ، فاضطررت ان ارفع عليه دعوى في الشرطة ، وبعد اخذ ورد بيني وبينه اعترف بطريقة غير مباشرة بسرقتها وأعادها!!
انني متيقن بأننا نحن سكان العالم الارضي نعيش في مستوى معين من اهتزازات هذا الوجود ، وان الاحلام ليس سوى منطقة اثيرية ذات اهتزازات اكثر سرعة ، تقع ما بين عالمي الدنيا والبرزخ، نستطيع الذهاب اليها من خلال الاسقاط النجمي او النوم ، كما يستطيع اهل البرزخ والجن كذلك من الذهاب اليها ، وفيها يمكن رؤية احبائنا الذي انتقلوا الى عالم البرزخ ، بل ويمكن ان يأخذونا الى اماكن عديدة في عالم البرزخ ايضا، فالعوالم قريبة من بعضها ولا ينقصنا سوى معرفة اسرار الاهتزازات والترددات والموجات التي تعد أهم اعمدة البناء الكوني ، فالحق سبحانه وتعالى رب العالمين ، والعالمين مفردها عالم ، والعوالم اشبه بأمواج البحر تتلاطم مع بعضها البعض لتشكل في النهاية بحر هذا الوجود اللامتناهي الذي خلقه القدير سبحانه وتعالى.
رائد قاسم- عدد المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 08/09/2014
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى